شهد الدوري السعودي هذا الموسم تراجعًا ملحوظًا في أداء عدد من الأندية التي اعتادت الظهور بمستويات قوية والمنافسة على المراكز المتقدمة. هذا التراجع أثار تساؤلات واسعة لدى الجماهير والمتابعين، خاصة أن بعض هذه الفرق تمتلك تاريخًا كبيرًا وإمكانات فنية ومالية لا يُستهان بها. لكن كرة القدم لا تُقاس بالأسماء فقط، بل بمنظومة متكاملة قد تختل في أي وقت.
عدم الاستقرار الفني وتغيّر الأجهزة التدريبية
من أبرز أسباب تراجع بعض الأندية هو غياب الاستقرار الفني. التغييرات المتكررة في الأجهزة التدريبية تؤدي غالبًا إلى فقدان الهوية التكتيكية للفريق. كل مدرب يأتي بفلسفة مختلفة، وأسلوب لعب جديد، ما يضع اللاعبين في حالة من التشتت وعدم الانسجام، خاصة إذا حدث التغيير في منتصف الموسم.
بعض الأندية لم تمنح المدرب الوقت الكافي لبناء فريقه، فكانت النتائج السلبية تُقابل بقرارات سريعة، زادت الوضع تعقيدًا بدلًا من إصلاحه.
سوء التخطيط في سوق الانتقالات
سوق الانتقالات لعب دورًا سلبيًا في تراجع مستوى بعض الفرق. التعاقد مع لاعبين لا يتناسبون مع احتياجات الفريق الفنية، أو التركيز على الأسماء بدلًا من المراكز المطلوبة، أدى إلى خلل واضح داخل الملعب.
في بعض الحالات، تم التعاقد مع لاعبين أجانب دون دراسة كافية لطبيعة الدوري أو أسلوب اللعب، ما جعل تأثيرهم أقل من المتوقع، وزاد العبء على العناصر المحلية.
الإصابات وضغط المباريات
ازدحام جدول المباريات بين المنافسات المحلية والبطولات الأخرى تسبب في إرهاق عدد كبير من اللاعبين، خاصة في الفرق التي لا تمتلك دكة بدلاء قوية. الإصابات المتكررة لعناصر أساسية أثّرت بشكل مباشر على النتائج، وأجبرت المدربين على الاعتماد على حلول مؤقتة.
غياب البدائل الجاهزة كشف الفارق بين الفرق التي استثمرت في عمق التشكيلة وتلك التي اعتمدت على مجموعة محدودة من اللاعبين.
الضغط النفسي والجماهيري
الضغط الجماهيري عامل لا يمكن تجاهله، خصوصًا على الأندية الكبيرة. عندما تتراجع النتائج، تتحول المدرجات ووسائل الإعلام إلى مصدر ضغط إضافي على اللاعبين، ما ينعكس على الأداء داخل الملعب.
بعض الفرق لم تنجح في التعامل مع هذا الضغط، فدخل اللاعبون المباريات وهم متأثرون نفسيًا، وهو ما يظهر في الأخطاء الفردية وفقدان التركيز في اللحظات الحاسمة.
مشاكل إدارية وضعف الانسجام
الإدارة تلعب دورًا محوريًا في نجاح أي فريق. وجود خلافات إدارية، أو غياب رؤية واضحة، يؤثر بشكل مباشر على الاستقرار داخل النادي. في بعض الأندية، انعكست القرارات الإدارية المتخبطة على الأجواء العامة للفريق، ما أدى إلى تراجع الروح الجماعية.
كما أن ضعف الانسجام بين اللاعبين، سواء بسبب كثرة التغييرات أو غياب القائد داخل الملعب، ساهم في فقدان الفريق لشخصيته المعتادة.
ارتفاع مستوى المنافسة
لا يمكن الحديث عن تراجع بعض الأندية دون الإشارة إلى تطور مستوى المنافسين. فرق كانت تُصنَّف سابقًا كفرق وسط أو مؤخرة جدول أصبحت أكثر تنظيمًا وقوة، ما صعّب المباريات وقلّل من هامش الخطأ.
هذا التطور جعل أي تراجع بسيط في المستوى يُعاقَب عليه بفقدان النقاط، وهو ما يفسر تقارب النتائج هذا الموسم.
تراجع أداء بعض الأندية السعودية هذا الموسم هو نتيجة مجموعة عوامل متداخلة، تبدأ من عدم الاستقرار الفني وسوء التخطيط، ولا تنتهي عند الضغط النفسي وارتفاع مستوى المنافسة. الحل لا يكمن في قرارات سريعة أو تغييرات متكررة، بل في بناء منظومة متكاملة تعتمد على التخطيط طويل المدى، والاستقرار، ومنح الثقة للعناصر القادرة على إعادة الفريق إلى الطريق الصحيح.